لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
133376 مشاهدة
تنزيه الله وتوحيده بأسمائه

...............................................................................


ذُكر أن قوما من المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. يعني: أخبرنا بنسبه. أنزل الله تعالى هذه السورة، وفيها لم يلد ولم يولد. كأنهم يقيسون الخالق تعالى على آلهتهم التي كانت متولدة من مثلها يعني الأولياء والصالحين والأنبياء والشهداء ونحوهم الذين يعبدون من دون الله، ينسبون به قالوا: الولي هو فلان وفلان وفلان هذا. رد عليهم أنه تعالى هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
وكذلك أيضا روي أن بعض اليهود قالوا: يا محمد أخبرنا عن ربك. قد علمنا أن الإنسان خلق من طين، وأن السماوات خلقت من بخار البحر مثلا أو غباره، وأن الأرض خلقت من البحر أو من رواسبه، ونحو ذلك، فأخبرنا عن ربك، وهذا سؤال تعنت. كأنهم يقولون: من أي شيء هو؟ ولا شك أن هذا تدخل في علم الغيب الذي لا يجوز التدخل فيه، وكذلك أيضا فيه أنهم يسألون عن الشيء الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيخلق مثل هؤلاء، فقال: صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس يتساءلون من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ حتى يقولوا: الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله آمنت بالله، وفي رواية فليستعذ بالله ولينته أي: يعتقد أن الرب سبحانه وتعالى قديم وأنه لم يسبق بعدم، ولو كان مسبوقا بعدم للزم أن يكون الذي خلقه له خالق وهلم جرا، فيلزم التسلسل في الماضي، فإذا أثبت العباد هذا القول أن الخالق هو الخالق وما سواه مخلوقون فإن هذا يقطع وسوسة كل موسوس، ويثبت القول بأن الرب تعالى هو القديم بأسمائه وبصفاته، ولا يجوز التمادي في مثل هذه الوساوس، وكثرة الحديث بها.
وقد تقدم الآثار التي فيها: تفكروا في المخلوق، ولا تفكروا في الخالق؛ ولعل ذلك لأجل الاعتقاد بأن الخلق الذين يشاهدون يعرف بأن الذي خلقهم هو المستحق للعبادة حيث أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى وحيث كمل لهم ما يحتاجون، فخلق الإنسان خلق تمام، كما في قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ إذا تأملت في خلق الإنسان وجدته أحسن خلق بحيث إنه لا يحتاج إلى زيادة عضو، ولو نقص منه عضو لتأثر بحيث أن كل عضو له وظيفته الأعضاء الظاهرة والأعضاء الباطنة والمفاصل والعظام وما أشبهها، فهو دليل على أن الذي خلقه هو على كل شيء قدير، وأنه لم يكن ليخلق نفسه.